كان طفلاً يلهو ويلعب بكل ما اُُوتى من قوة يسكن فى هذا الحى الذى احبه كثيراً يلهو مع أبناء الجيران وينتظر الخال والعم ليعطيه الهدايا والاموال
تزوره جدته فيرى فيها امه كان اّخر العنقود لاصغر بنت من بناتها كانت تلهو معه بيد ويدها الاخرى تتحسس طريقها الى القبر ... كان فى عينيها هو الامل هو ذلك العمر الفائت..
برغم طفولته لكنه لا ينسى ابداً ضحكتها عندما تناوله يدها ليصعد بها السلم قائلةً "عدينى السلمة المكسورة" فيأخذ يدها متذمراً من تلك المهمة الإضافية الملقاة على كاهله وعندما حمته من ضرب ابيه مرة لشقاوته المفرطة
حتى رحلت عن الحياة وهو مازال طفلاً ومازالت ضحكتها تبكيه وتدفعه دفعاً للدعاء لها مازال يرى نفسه اّثماً لأنه لم يفهم حينها أنها كانت تتمنى ابتسامة منه لترى الدنيا كلها مبتسمة مشرقة .... غفر الله لها كانت جدتى وامى الكبرى ماتت وفارقت ولم يبقى لى من برها إلا الدعاء.
كان فتى يدفعه الفضول والجرأة لاكتشاف الدنيا من حوله يزور اقاربه ويلهو ويلعب ويتسامر مع قرنائه وإذا غضب لم يجد إلا تلك المرأة الحسناء القوية الماهرة بالطبخ تُعيد له حقه وتذب عنه وتمازحه ... كانت تحبه .. وقد رأى فيها امه عندما تغيب امه عن ناظريه
كبر وكبرت وظل الفتى على عهده بها يزورها ليرى امه بصورة اخرى غير التى إعتادها وظلت الدنيا تنسج خيطاً فوق خيط حتى حالت الدنيا بينها وبينه
وبقيت التكنولوجيا الحديثة من الهواتف وغيرها تقوم بدور المسكن تسكن الامه بصوتها ما بين فينة واخرى
وفى رمضان اتصل ليسمع صوتها فطلبت منه أن يفطر معها يوماً واحداً فقط لتراه وعزم النية على ذلك كان كل ما فيه يؤنبه على هجرها ...
ثم سرعان ما انشغل ثم انشغل ثم سوّف ثم قال افعلها قريباً إن شاء الله....
لكن قريباً لم يأتى إلا عندما اتصل به اخوه قائلاً ... البقاء لله
لم اتمالك دموعى حينها رحمة بها وحزناً على فراقها .... ما اعصانى طفلاً وشاباً
رحم الله خالتى كانت امى التى لم تلدنى
تمنيت لو رأيتُها ولو ميتة .... أن اسمع حلو حديثها ... لكن مازال الرجل يتمنى حتى تأتى الاجال فتحجز أمانيه عن منتهاها
فى الحقيقة أنى ابغض هذه الدنيا وابغض هذه البلد التى تكتب على ابنائها ان يقطعوا ارحامهم ويغتربوا عن اوطانهم وتحول يد المسافة بين أن يروا احبائهم على فراش الموت فيبكونهم ويضعونهم فى القبر بأيديهم فابنتها مازالت فى غربتها
ذلك الوطن الذى لا يسع عائلة بأكملها وطن عاق يعلم ابنائه العقوق
وقبل كل ذلك قاتل الله مواقع التواصل الاجتماعى والهواتف المحمولة قطّعت ارحامنا.
غفر الله لى ولوالدى وأهلى ولموتى المسلمين واحيائهم جميعاً....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق